بمناسبة انتهاء شهر رمضان
الحمد لله الواحد
القهار، حكم بالفناء على هذه الدار، وبالبقاء في دار القرار، ﴿يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ [النور: 44]، وأشهد أن لا إله
إلا الله العزيز الغفار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
وتفكروا في أحوالكم وسرعة زوالكم، بالأمس القريب كان المسلمون ينتظرون دخول شهر
رمضان المبارك انتظار قدوم الضيف الغالي، والوافد الكريم، طمعًا فيما أعده الله
فيه من الخيرات، ورغبة في التنافس في الطاعات، فهو موسم تعرض فيه أغلى السلع بأرخص
الأسعار، وتعرض فيه الجنة الغالية، حيث تفتح أبوابها، وتيسر أسبابها، وتعرض فيه
المرابح العظيمة، بحيث يعدل فيه ثواب السنَّة ثواب الفريضة، وثواب الفريضة ثواب
سبعين فريضة فيما سواه، موسم تسد فيه طرق الهلاك، فتغلق فيه أبواب النيران، ويصفد
فيه كل شيطان، تهجر فيه المحرمات، ويسهل فيه فعل الطاعات.
موسم يغلب فيه سلطان الصبر على سلطان الهوى والجزع، ويغلب فيه صفة الكرم والجود على صفة الشح والبخل، يغلب فيه العقل والحكمة على الطيش والسفه «فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (1795)، ومسلم رقم (1151).
الصفحة 1 / 441