في وجوب احترام نعم الله
الحمد لله رب العالمين،
وعد الشاكرين لنعمه المزيد، وتوعد من كفر بها بالعذاب الشديد، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أعظم الخلق شكرًا لله وطاعةً
له، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله عباد
الله، بين أيديكم نعمٌ كثيرة أنتم محاسبون عليها، ومسئولون عن شكرها، فأحسنوا
التصرف فيها تكون عونًا لكم على طاعة الله، ولا تسيئوا في استعمالها تكن استدراجًا
لكم من حيث لا تعلمون، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخشى على أمته الفقر،
وإنما يخشى عليها الغنى؛ أن تُبسط عليها الدنيا كما بسطت على من كان قبلها من
الأمم؛ فيحصل التنافس والهلاك، ونخشى أن نكون اليوم قد وقعنا فيما تخوفه رسول الله
صلى الله عليه وسلم علينا، فقد بسطت علينا نعم كثيرة، وأساء الكثير منا استعمالها،
وتفاخروا في الإسراف فيها وإنفاقها في غير وجوهها.
لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على احترام الطعام، وتوقير النعمة وعدم إهدارها، فكان صلى الله عليه وسلم لا يعيب طعامًا قط، بل إن اشتهاه أكله وإلا تركه، وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فقال: «لَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» ([1]). فقد بَيَّن صلى الله عليه وسلم أنه لولا المانع
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2299)، ومسلم رقم (1071).
الصفحة 1 / 441