بمناسبة هبوب الرياح الشديدة
الحمد لله الذي أحسن
كل شيء خلقه، وبدأ خلق الإنسان من طين ﴿وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَأَيَّ ءَايَٰتِ
ٱللَّهِ تُنكِرُونَ﴾ [غافر: 81]، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وسبحان الله عما يشركون، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
أعلم الناس بربه وأخشاهم له، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا
إلى يوم الدين.
·
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله،
واخشوا غضبه ونقمته، وتأملوا أحوالكم، وتفكروا في آيات الله في الآفاق، وفي أنفسكم
لعلكم تذكرون ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ
أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [الحشر: 19].
تمر بكم الأحداث الواحد تلو الآخر، وتحل النقمات في أنفسكم وأموالكم، وتسمعون بحلول الكوارث فيما حولكم من البلاد القريبة والبعيدة، ولكن المستفيد منا قليل والمتذكر يسير، تحصل إصابات كثيرة بواسطة الأمطار التي تذهب بكثير من الأنفس والأموال، وبواسطة الرياح التي تثير التراب وتظلم الجو، وتعطل السير، وتسفي الأتربة العظيمة على بيوتكم ومزارعكم، ولا تستطيعون ردها ولا تحويلها، بل لا يستطيع الخلق كلهم بما أعطاهم الله من قوة ومخترعات، صد هذه الرياح ومدافعتها، ثم يشاء الله بقدرته الباهرة أن تسكن هذه الرياح، ويعقبها بالمطر الذي يزيل آثارها، ويدفع أضرارها، تعلمون يا عباد الله، أن الله لم يخلق شيئًا عبثًا، فلم يرسل هذه الرياح إلا لينبهكم، ويذكركم بذنوبكم، وبقدرته على عقوبتكم ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ ٖ
الصفحة 1 / 441