الفرح المشروع، والفرح الممنوع
الحمد لله رب
العالمين على ما خصنا به من جزيل الإنعام، ومَنَّ علينا به من دين الإسلام، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلاهيته وأسمائه وصفاته، وتبارك
اسم ربك ذي الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل من صلى وصام، ووقف
بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلم
تسليمًا على الدوام.
·
أما بعد:
أيها الناس:
اتقوا الله تعالى،
وانظروا في عملكم، واستعدوا لرحيلكم من هذه الدار إلى دار القرار، وأين سيكون
نزولكم أفي الجنة أم النار؟ فحقيق بمن تحقق قرب رحيله، ولا يدري أين يكون نزوله،
أن يخاف غاية الخوف، وأن يستعد بأحسن ما لديه من استعداد، وألا يغفل ولا يلهو، ولا
يفرح بمال زائل، ودنيا فانية، قال الله تعالى: ﴿قُلۡ
بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ
مِّمَّا يَجۡمَعُونَ﴾ [يونس: 58] أمر الله سبحانه المؤمنين أن يفرحوا بفضله
ورحمته، وهما القرآن والإسلام؛ لأنهما أكبر نعمة على العباد، فينبغي للمسلمين أن
يستبشروا ويغتبطوا بهما، ويتلذذوا بهما، ولا شك أن من فرح بشيء تمسك به واحتفظ به،
وخاف من زواله، كما أن المؤمنين يفرحون بنصر الله لهم على أعدائهم؛ لأن في انتصار
المؤمنين على الكافرين انتصارًا للحق على الباطل؛ قال تعالى: ﴿فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ
ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ
الصفحة 1 / 441