وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
٤ بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ
يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ٥﴾ [الروم: 4- 5]، وقال تعالى: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا
نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصف: 13].
فالأمور التي
يُشَرَّعُ للمسلمين الفرح بها: هي القرآن والإسلام، وانتصار الحق على الباطل،
وتغلب المسلمين على الكافرين، لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا
السفلى. وأما متاع الدنيا، وحظوظها العاجلة فقد ذم الله الفرح بها، ولهذا أمر الله
بالفرح بفضله وبرحمته وقال: ﴿هُوَ
خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ﴾ [يونس: 58] أي أن فضل الله ورحمته المتمثلين في القرآن
والإسلام خير للناس من حطام الدنيا الفاني الذي يتعبون أنفسهم بجمعه، ويتحملون
مسؤوليته.
وإذا كان الأمر كذلك، فاللائق بالمؤمن ألا يفرح بالحياة الدنيا مهما تزينت وتزخرفت، وإنما تكون قرة عينه وبهجة نفسه بكتاب ربه وذكره وطاعته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ» ([1]). وقد ذم الله الفرح بالدنيا؛ لأن ذلك دليل على التعلق بها والانشغال بها عن الآخرة؛ فقال تعالى: ﴿وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ﴾ [الرعد: 26] أي أن الكفار فرحوا بما أوتوا من الحياة الدنيا استدراجًا لهم، ولم يعلموا أنها متاع مؤقت سيزول عنهم عما قليل؛ كما ذكر الله عن قوم قارون أنهم نهوه عن الفرح بذلك، فقالوا له: ﴿لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَرِحِينَ﴾ [القصص: 76]، وقال تعالى عن الإنسان: ﴿إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ﴾ [هود: 10]، وقال تعالى: ﴿لِّكَيۡلَا تَأۡسَوۡاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ﴾ [الحديد: 23]، وقال تعالى عن
([1]) أخرجه: النسائي رقم (3940)، وأحمد رقم (14037).