في تربية الأولاد
الحمد لله رب
العالمين على جزيل نعمه وواسع فضله، أمر وأوجب على الآباء تربية أولادهم على الخير
والفضيلة، وأوجب على الأولاد طاعة آبائهم في المعروف وبرهم والإحسان إليهم في
مقابل تلك التربية الحميدة ﴿وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيرٗا﴾ [الإسراء: 24] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ﴿سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ
عُلُوّٗا كَبِيرٗا﴾ [الإسراء: 43]. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسل بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا،
وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم
تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
واعلموا أن صلاح الذرية كان محل اهتمام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهذا خليل
الله إبراهيم يدعو الله أن يرزقه ولدًا صالحًا فيقول: ﴿رَبِّ هَبۡ لِي مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾ [الصافات: 100]، ويقول: ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ﴾ [إبراهيم: 35]، ويقول: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا
وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ﴾ [إبراهيم: 40]، ويقول هو وإسماعيل
عند بناء البيت: ﴿رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ﴾ [البقرة: 128]، ويقول زكريا عليه السلام: ﴿رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ﴾ [آل عمران: 38]. وهذا اهتمام من هؤلاء الأنبياء بشأن الذرية قبل
وجودها، أما بعد وجودها فكانت تتضاعف جهودهم، ويعظم اهتمامهم بها لتوجيهها نحو
الخير، وإبعادها عن الشر، وأول ما ينصب اهتمامهم إليه: إصلاح عقائد
الصفحة 1 / 441