في الحث على التزود من صالح الأعمال
الحمد لله رب
العالمين، خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وخلق العباد فلم يتركهم
هملاً، بل بين لهم طريق الخير وطريق الشر وأرسل إليهم رسلاً، ووفق من شاء للعمل
الصالح إذا علم منه صدق النية وحب الخير، وحرم من أعرض عن ذكره وتكبر عن طاعته،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، لا خير
إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرها منه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والذين
اتبعوهم بإحسان، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وانظروا في أعمالكم ونياتكم، فإنها هي سبب سعادتكم أو شقاوتكم، فإن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، أن الجزاء من جنس العمل، فكما تدين تدان، روى ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» ([1]). فقد تضمن هذا الحديث أربعة أمور: الأمر الأول: عمل الحسنات، الأمر الثاني:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6162)، ومسلم رقم (131).
الصفحة 1 / 441