في بيان أن الجزاء من جنس العمل
الحمد لله رب
العالمين، يمهل ولا يهمل، ويحلم على العباد ولا يعجل، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، ﴿وَقَالَ
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأۡتِينَا ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي
لَتَأۡتِيَنَّكُمۡ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِۖ لَا يَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَآ أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ
وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ ٣ لِّيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ
كَرِيمٞ ٤ وَٱلَّذِينَ سَعَوۡ فِيٓ
ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٞ ٥﴾ [سبأ: 3- 5]، وأشهد أن محمدًا
عبده ورسوله، حذر من عقوبات المعاصي غاية التحذير، صلى الله عليه وعلى آله
وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الجزاء من جنس العمل، فالأعمال الصالحة جزاؤها الخير العاجل والآجل، قال تعالى: ﴿مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [النحل: 97]، وقال تعالى: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ﴾ [طه: 124]. فالله سبحانه جعل الحياة الطيبة والجزاء الحسن على العمل الصالح، ورتب المعيشة الضنك على الإعراض عن ذكره؛ فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه، وإن تنعم في الدنيا بأصناف النعم ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات والعذاب الحاضر ما لا يحصى؛ فلذلك تجده يلتمس ما يخفف عنه هذه الآلام ولو
الصفحة 1 / 441