في التحذير من الاغترار بالدنيا
الحمد لله رب
العالمين، خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء
قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه إلى يوم البعث والنشور، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ
ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾ [لقمان: 33].
عباد الله: تأملوا أحوالكم، وتذكروا مصيركم، وانظروا في أعمالكم، فإنكم لم تخلقوا عبثًا، ولن تتركوا سدى، واعلموا أن الجزاء من جنس العمل، وأن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل، تفكروا في الدنيا وسرعة زوالها، ﴿كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ ٢ وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ ٢٧﴾ [الرحمن: 26، 27]. كل حي فيها يموت، وكل قوي يضعف، وكل جديد يبلى، وكل عامر يخرب، والآيات الواردة في القرآن الكريم في التحذير من الاغترار بالدنيا، وبيان سرعة زوالها، وضرب الأمثال لها - كثيرة، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن مصير من قصر همه عليها، ورضي بها، وأرادها وحدها، وأعرض عن الآخرة، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ ٧ أُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ٨﴾ [يونس: 7، 8]، وقال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا
الصفحة 1 / 441