في محاسبة النفس
الحمد لله على فضله
وإحسانه، خلق هذه الحياة بما فيها من خير وشر، وخلق هذا الإنسان، وبصّره بمخاطرها
وخيرها وشرها ﴿إِنَّا
خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ
سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢ إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ
ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا ٣﴾ [الإنسان: 2، 3]. وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، خلق كل شيء فقدره تقديرًا، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله، أرسله شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا،
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى
واعلموا أنكم لم تُخْلَقُوا عبثًا، ولن تركوا في هذه الحياة سدى، لقد خلق الله
الإنسان واستعمره في هذه الأرض، وجعله يعيش في هذه الحياة، ويجتاز مخاطرها وخيرها
وشرها، وبين له طريق الخير وطريق الشر، ومكنه من أسباب النجاة وأمره بالأخذ بها،
واسترعاه على نفسه وائتمنه عليها، وبين له نزعاتها الجامحة وشهواتها المهلكة؛
ليأخذ بزمامها، ويحبسها عن غيها ﴿إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ﴾ [يوسف: 53].
عباد الله: لقد أمرنا الله عز وجل بحفظ نفوسنا عن المهالك، واسترعانا عليها؛ قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا ٢٩ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا ٣٠﴾ [النساء:29، 30]، فالمؤمن مأمور بحفظ
الصفحة 1 / 441