حياته من الخطر الذي
ليس من ورائه مصلحة راجحة، فيجب عليه أن يجنب نفسه جميع أسباب الهلاك، فيحرم عليه
أن يقتل نفسه قتلاً مباشرًا، أو يتعاطى ما يُفضي إلى الهلاك، ويسبب الأمراض
كالدخان والمسكرات والمخدرات وأنواع السموم، وكذلك المؤمن مأمور بحفظ نفسه من
الوقوع في المحرمات وتناول الشهوات المحرمة؛ لأن عاقبتها العذاب وسوء الحساب، وبين
أن من فعل ذلك فقد ظلم نفسه؛ قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ﴾ [الطلاق: 1]؛ لأنه بذلك يعرضها
لعقاب الله.
كما أنه يجب على المؤمن
حينما يأمر بخير أو ينهى عن شر أن يبدأ بنفسه، فيحملها على فعل الخير وترك الشر؛
لتفوز بالثواب وتنجو من العقاب؛ قال تعالى: ﴿أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ
تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [البقرة: 44]، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ
وَٱلۡحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]. فأمر بأمر النفس بالبر قبل أمر غيرها به ووقايتها من النار بفعل الطاعات
وترك المحرمات قبل وقاية غيرها من الأهل؛ لأن نفس الإنسان أولى ببره ونصحه؛ ولأنه
يقبل النصح والتوجيه ممن لا يبدأ بنفسه ويكون قدوةً صالحةً.
وقد أمرنا الله سبحانه حينما نرى الناس يضلون عن سبيل الله ويوقعون أنفسهم في المهالك، فيتركون ما أوجب الله عليهم ويرتكبون ما حرم عليهم، ولا يقبلون النصح والإرشاد، أمرنا عند ذلك أن ننقذ أنفسنا، فنلزم طاعة الله، ونترك معصيته، ولا نغتر بهؤلاء ولا نتابعهم كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [المائدة: 105].