بمناسبة ختام العام الهجري
الحمد لله حكم
بالفناء على هذه الدار، وأخبر أن الآخرة هي دار القرار، وهدم بالموت مشيد الأعمار،
أحمده على نعمه الغزار، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، وأشهد أن محمدًا
عبده ورسوله، حذر من الركون إلى هذه الدار، وأمر بالاستعداد لدار القرار، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، وسلم تسليمًا كثيرًا ما تعاقب الليل
والنهار.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
وفكروا في دنياكم وسرعة زوالها، واستعدوا للآخرة وأهوالها، كل شهر يستهله الإنسان
فإنه يدنيه من أجله ويقربه من آخرته، وخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشركم من طال
عمره وساء عمله، إنه ما بين أن يثاب الإنسان على الطاعة والإحسان، أو يعاقب على
الإساءة والعصيان، إلا أن يقال: فلان قد مات، وما أقرب الحياة من الممات! وكل ما
هو آت آت، وأنتم اليوم تودعون عامًا قد انتهى وانتقص من أعماركم، وتستقبلون عامًا
لا تدرون أتستكملونه أم لا. فلنحاسب أنفسنا، ماذا عملنا في العام المنصرم؟ فإن كان
خيرًا حمدنا الله، وأتبعناه بالخير، وإن كان شرًا تبنا إلى الله منه واستدركنا
بقية أيامنا قبل فواتها.
قال ميمون بن مهران: لا خير في الحياة إلا لتائب أو رجل يعمل في الدرجات. يعني: أن التائب يمحو بالتوبة ما سلف من السيئات، والعامل يجتهد في علو الدرجات، ومن عداهما فهو خاسر، كما قال تعالى: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ
الصفحة 1 / 441