في وجوب شكر النعم
الحمد لله على نعمه
الظاهرة والباطنة، ولا نحصي نعمه، ولا نستطيع الوفاء بشكره، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله
وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى،
واذكروا نعمة الله عليكم، وقيدوها بشكرها، فإن الله ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنفُسِهِمۡ﴾ [الأنفال: 53]. إنكم تعيشون في نعم عظيمةٍ لم تذكر في تاريخ الأمم قبلكم: أمن في
الأوطان، وصحة في الأبدان، ووفرة في الأموال، وراحة في كل متطلبات الحياة،
ومخترعات باهرة قربت لكم كل بعيد، ووفرت لكم كل جديدٍ، تأكلون أصناف الملذات،
وتلبسون أفخر الثياب، وتركبون المراكب الفخمة المريحة التي تقطع بكم المسافات
البعيدة في أسرع وقتٍ، وتسكنون القصور المشيدة التي تتوفر فيها كل وسائل الراحة،
من تبريدٍ وماءٍ عذبٍ متدفقٍ، وإنارةٍ واضحةٍ، وأثاث فخمٍ، وفرشٍ وثيرةٍ، ووسائل
مواصلاتٍ تتصلون بواسطتها بمن تريدون في أقصى الأرض وأدناها، وتملكون الأموال
الطائلة، والثروات الضخمة. هذه بعض النعم الظاهرة ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَا﴾ [إبراهيم: 34].
لكن بماذا قابلنا هذه النعم؟ هل أدينا شكرها؟ هل عرفنا حقها؟ إن نعم الله إذا شُكِرَت قرت وزادت؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ
الصفحة 1 / 441