لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ﴾ [إبراهيم: 7]، وإن لم تشكر كانت
بين أمرين: إما أن تسلب في الحال، وإما أن تبقى للاستدراج، ليغتر المجرمون بها،
ويزدادوا من الإثم، كما قال تعالى: ﴿أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ ٥ نُسَارِعُ
لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ ٥﴾ [المؤمنون: 55، 56]. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ
ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا
نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ﴾ [آل عمران: 178]. اقرءوا القرآن الكريم، وطالعوا في كتب التاريخ، وسيروا
في الأرض تروا ما حل بالأمم التي كفرت بأنعم الله ﴿فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ
يَصۡنَعُونَ﴾ [النحل: 112] و ﴿أَلَمۡ
تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ كُفۡرٗا وَأَحَلُّواْ قَوۡمَهُمۡ دَارَ ٱلۡبَوَارِ ٢٨ جَهَنَّمَ
يَصۡلَوۡنَهَاۖ وَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ ٢﴾ [إبراهيم: 28، 29]، واقرءوا أخبار
عادٍ وثمود وفرعون وما كان لسبأ في مسكنهم، كيف سلبوا ثوب النعمة ولبسوا ثوب
النقمة لما لم يشكروا نعم الله عليهم، مع أن ما عندكم من النعم لم يكن عندهم مثله
فيما حدث التاريخ، بل ما عندكم يختلف عما عندهم اختلافًا كثيرًا.
عباد الله: كانت هذه البلاد وكما تعلمون إلى عهدٍ قريبٍ في حالةٍ من الفقر والحاجة، وكان أهلها يتفرقون في البلاد المجاورة طلبًا للرزق، وهربًا من الفقر والحاجة، لكنها كانت مع ذلك بلادًا محافظةً على دينها وعفتها وحيائها متمسكة بعقيدتها، كان رجالها ونساؤها وشيوخها وشبابها على غايةٍ من الدين والأخلاق الفاضلة، كل يؤدي لنفسه ولمجتمعه من العمل ما يليق به، فكان الرجال يقومون بأعمالٍ تليق بهم، وكانت النساء يقمن بأعمالٍ تليق بهن في البيوت وفي المزارع، وكان الشباب يقلدون آباءهم في الخير والأخلاق الحميدة،