في التحذير من النار، وأسباب دخولها
الحمد لله رب
العالمين، أمر بتقواه، وأخبر أن من اتقاه وقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، ولا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأكرم
الخلق على الله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، وسلم تسليمًا
كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، يقول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ﴾ [التحريم: 6]. نداء من الله لأهل الإيمان، وأمر وتحذير، وإخبار عن خطر شديد، ينادي الله أهل الإيمان؛ لأنهم هم الذين يصغون لندائه، ويمتثلون أمره، وينتفعون بكلامه، ويأمرهم باتخاذ الوقاية لأنفسهم ولأهليهم من خطر أمامهم ومهلكة في طريقهم، لا ينجو منها إلا من تنبه لها قبل وصولها، وأخذ الحيطة والحذر من الوقوع فيها، هذه المهلكة نار عظيمة ليست كالنار التي تعرفون: توقد بالحطب وتطفأ بالماء ويمكن مكافحتها والتغلب عليها، إنها نار توقد بجثث الناس وبحجارة الأصنام أو حجارة الكبريت، ليست كنار الدنيا: ليت من احترق بها مات، وفارق الحياة، وانقطع إحساسه بألمها، بل ﴿كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا﴾ [الإسراء: 97]، ﴿كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَٰهُمۡ جُلُودًا غَيۡرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَۗ﴾ [النساء: 56]، ﴿لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ﴾ [فاطر: 36]،
الصفحة 1 / 441