وليس القائمون على إيقادها وتعذيب أهلها ممن
يدركهم العجز والتعب، أو تأخذهم الشفقة والرحمة، أو ينفع فيهم الاستعطاف
والاسترحام، أو تميل بهم المحاباة والعاطفة، أو يتساهلون في تنفيذ الأوامر الصادرة
إليهم بالتعذيب؛ إنهم ﴿مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ
وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
أيها المسلمون: إن تبعة المسلم في
نفسه وفي أهله تبعة ثقيلة رهيبة، فالنار هناك وهو متعرض لها هو وأهله، فعليه أن
يحول دون نفسه وأهله، ودون هذه النار التي تنتظر من سار في طريقها، إنها نار فظيعة
مستعرة معروضة في طريقه لا محيد له عنها، نار وقودها الناس والحجارة، الناس فيها
والحجارة سواء، في مهانة الحجارة وفي رخص الحجارة وفي قذف الحجارة، دون اعتبار ولا
عناية، ما أفظعها نارًا هذه التي توقد بالحجارة، تأكل الحجارة الصلبة الصماء، فكيف
بجسم ابن آدم؟ عليها ملائكة غلاظ شداد، تتناسب طبيعتهم مع طبيعة العذاب الذي هم به
موكلون: ﴿لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ﴾ [التحريم: 6]، فمن صفاتهم: طاعة الله فيما يأمرهم به، ومن صفاتهم القدرة على تنفيذ ما
أمرهم به، لا يتركون منه شيئًا.
كيف يقي المؤمنون أنفسهم وأهلهم من هذه النار؟ إن الله سبحانه بين لهم الطريق، وفتح لهم باب الرجاء والرحمة، والنجاة من هذه النار إن هم سلكوا هذا الطريق الذي بَيَّنَهُ لهم؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَئَِّاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [التحريم: 8].