×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ ١٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٦ [هود: 15، 16].

وفي «الصحيحين» ([1])  صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا الدُّنْيَا فِي الآْخِرَةِ إِلاَّ كَمِثْلِ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ» ([2])، وفي حديث آخر: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» ([3])، وفي حديث آخر: «وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى مِنْهَا كَافِرًا شَرْبَةَ مَاءٍ» ([4]).

وكتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز فقال: أما بعد: فإن الدنيا دار ظعن، وليست بدار مقام، وإنما أُنْزِل إليها آدم عقوبة فاحذرها يا أمير المؤمنين، فإن الزاد منها تَرْكُها، والغنى فيها فقرها، تذل من أعزها، وتفقر من جمعها، كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه، فاحذر هذه الدار الغرارة الخداعة، وكن أسر ما تكون فيها أحذر ما تكون لها، سرورها مشوب بالحزن، وَصْفوها مَشُوب بالكدر، فلو كان الخالق لم يخبر عنها خبرًا، ولم يضرب لها مثلاً، لكانت قد أيقظت النائم، ونبهت الغافل، فكيف وقد جاء من الله عز وجل عنها زاجر، وفيها واعظ، ولقد عرضت على نبينا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها وخزائنها لا ينقصه عند الله جناح بعوضة فأبى أن يقبلها، وكره أن يحب ما أبغضه خالقه، أو يرفع ما وضعه مليكة، زواها الله عن الصالحين اختيارًا، وبسطها لأعدائه اغترارًا،


الشرح

([1]زيادة من طبعة دار المعارف.

([1]أخرجه: مسلم رقم (2858).

([1]أخرجه: مسلم رقم (2956).

([1]أخرجه: الترمذي رقم (2320)، وابن ماجه رقم (4110)، والحاكم رقم (7847).