عباد الله: إن في وقتنا هذا من
يريد إيمانًا بالتسمي فقط، فيريد إيمانًا بلا أعمال، إيمانًا بلا صلاة ولا زكاة
ولا صيام ولا حج، بل يريد إيمانًا بلا توحيد ولا عقيدة، يريد إيمانًا مع عبادة
القبور والأضرحة والأولياء والصالحين، يريد إيمانًا مع تحكيم القوانين والطواغيت
في فك المنازعات والمخاصمات، مع أنه لا بد لتحقيق الإيمان من الكفر بالطاغوت؛ قال
تعالى: ﴿فَمَن
يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ
ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 256]، ولا بد لصحة
العبادة من الكفر بالطاغوت، قال تعالى:﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]. وقال تعالى:﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ ﴾ [النساء: 36].
عباد الله: وهناك معاص دون ذلك لا تبطل الإيمان لكنها تنقصه وتضعفه، فيجب على المؤمن تجنب سائر المعاصي حفاظًا على إيمانه، فلا يغش في المعاملة ولا يفجر في الخصومة، ولا يكذب في الحديث، ولا يخلف في الوعد، ولا يخون في الأمانة، ولا يغدر في العهد، ولا يغتاب، ولا يشتغل بالنميمة، يتجنب المكاسب المحرمة؛ فلا يأكل الربا، ولا يأخذ الرشوة، ولا يأكل مال اليتيم، يترفع عن الدنايا؛ فلا يشتم ولا يسب، فليس المؤمن بالطعان، ولا باللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء، يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، يصلح ذات البين عملاً بقوله تعالى:﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 10]. يتألم لألم إخوانه المؤمنين عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2586).