في بيان حكم الهجرة، وتحريم الاحتفال
بمناسبة هجرة الرسول
صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب
العالمين، شرع الهجرة، ووعد المهاجرين إليه أجرًا عظيمًا، فقال في كتابه العزيز: ﴿وَمَن يُهَاجِرۡ فِي
سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُرَٰغَمٗا كَثِيرٗا وَسَعَةٗۚ وَمَن يَخۡرُجۡ مِنۢ بَيۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ
ثُمَّ يُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۗ وَكَانَ
ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا﴾ [النساء: 100]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى
تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
مِنْ مَغْرِبِهَا» ([1])، صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه ﴿وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ
وَّنَصَرُوٓا﴾ [الأنفال: 74]، وسلم تسليمًا.
·
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى:
وادرسوا سيرة نبيكم صلى الله عليه وسلم، واقتدوا به؛ فقد أمركم الله بذلك في قوله
تعالى: ﴿لَّقَدۡ
كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ
ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا﴾ [الأحزاب: 21].
ومن أعظم وقائع السيرة النبوية قضية الهجرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد عليه أذى المشركين بمكة، صار يعرض نفسه على القبائل في موسم الحج، ويطلب منها أن تحميه وتناصره حتى يبلغ رسالة ربه، فلم يجد من يجيبه حتى حج نفرٌ من الخزرج من أهل المدينة، وكان جيرانهم من اليهود يحدثونهم عن مبعث رسولٍ قريب، ويتوعدونهم أنهم
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2479)، والدارمي رقم (2513)، وأحمد رقم (16906).
الصفحة 1 / 441