×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

نظرًا لاختلاف المقاصد؛ قال تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا ١ وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا ١٩ [الإسراء: 18، 19]؛ ولهذا قال بعض العلماء: إنما تفاضلوا بالإرادات، ولم يتفاضلوا بالصوم والصلاة.

والهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام من أفضل الأعمال، لكنها لا تكون كذلك إلا بالنية لا بمجرد الانتقال من بلدٍ إلى بلدٍ من غير قصد، أو لمقصودٍ دنيوي، قال صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» ([1])، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه الهجرة تختلف باختلاف المقاصد والنيات بها، فمن هاجر إلى دار الإسلام حبًا لله ورسوله، ورغبةً في تعلم دين الإسلام، وإظهاره، حيث كان يعجز عن ذلك في دار الشرك، فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله حقًا، وقد وعده الله بالثواب العظيم. ومن كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام لطلب دنيا، أو للتزوج بامرأةٍ، فهذا ليس بمهاجرٍ إلى الله ورسوله، وإنما هو تاجرٌ أو خاطب.

وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اختلاف مقاصد الناس في القتال، من الرياء، وإظهار الشجاعة والعصبية، وغير ذلك؛ أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل » ([2])، وروى النسائي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1)، ومسلم رقم (1907).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (123)، ومسلم رقم (1904).