مِنۡ حَيۡثُ لَا
يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ
بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ٣﴾ [الطلاق: 2، 3]، وُروي أن يونس عليه
السلام لما دعا في بطن الحوت، «قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: يَا رَبِّ هَذَا صَوْتُ
ضَعِيفٍ مَعْرُوفٍ مِنْ بِلاَدٍ غَرِيبَةٍ، قَالَ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟
قَالُوا: يَا رَبَّنَا مَنْ هُوَ؟ قَالَ: ذَلِكَ عَبْدِي يُونُسُ، قَالُوا:
عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ تَرْفَعُ لَهُ عَمَلاً مُتَقَبَّلاً
وَدَعْوَةً مُجَابَةً؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: يَا رَبُّ أَفَلاَ تَرْحَمُ مَا
كَانَ يَصْنَعُ فِي الرَّخَاءِ فَتُنْجِيهِ مِنَ الْبَلاَءِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ:
فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَتْهُ بِالْعَرَاءِ» ([1]).
وقال الضحاك بن قيس:
اذكروا الله في الرخاء، إن يونس عليه السلام كان يذكر الله تعالى، فلما وقع في بطن
الحوت قال الله: ﴿فَلَوۡلَآ
أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ ١٤٣ لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ
يُبۡعَثُونَ ١٤٤﴾ [الصافات: 143، 144]. وإن فرعون كان طاغيًا
ناسيًا لذكر الله، فلما أدركه الغرق قال: آمنت، فقال الله تعالى: ﴿ءَآلۡـَٰٔنَ وَقَدۡ
عَصَيۡتَ قَبۡلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [يونس: 91].
وأعظم الشدائد التي تنزل بالعبد في الدنيا: الموت، وما بعده أشد منه، فالواجب على المؤمن الاستعداد للموت وما بعده في حال الصحة بالتقوى والأعمال الصالحة؛ قال الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ١ وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ١﴾ [الحشر: 18، 19]. فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه، واستعد حينئذٍ للقاء الله عز وجل، ذكره الله عند هذه الشدائد، فكان معه فيها وأعانه وثبته على التوحيد وتوفاه وهو عنه
([1]) أخرجه: الطبراني في « الدعاء » رقم (47)، والبزار رقم (8227).