×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 مِنْهُ الأَْمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ أَدِّي إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ، مِنَ الإِْبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ لاَ تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ» ([1]).

فهؤلاء الثلاثة لما وقعوا في الشدة والضيق لم يجدوا ما يخلصهم إلا الأعمال الصالحة التي أسلفوا. فالأول منهم: توسل ببره بوالديه، وأنه كان لا يؤثر عليهما أهلاً ولا مالاً، والثاني توسل إلى الله بعفافه عن الفاحشة، وتركه إياها بعد ما قدر عليها خوفًا من الله عز وجل، والثالث: توسل إلى الله بأداء حق الأجير، وحفظ الأمانة، ففرج عنهم الشدة لما دعوه بصالح أعمالهم.

فالأعمال الصالحة تكون سببًا للنجاة من المهالك في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ ٥١ يَوۡمَ لَا يَنفَعُ ٱلظَّٰلِمِينَ مَعۡذِرَتُهُمۡۖ وَلَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ ٥٢ [غافر: 51، 52]، ولهذا أهلك الله عز وجل أعداء الرسل كقوم نوحٍ، وعادٍ وثمود، وأصحاب الرس، وقوم لوطٍ، وأهل مدين وأشباههم، وأنجى الله تعالى من بينهم المؤمنين، فلم يُهلِك منهم أحدًا، وأهلك الكافرين ولم يُفلِت منه أحدًا.

فاتقوا الله، أيها المسلمون، وحافظوا على دينكم الذي به نجاتكم، وسعادتكم في الدنيا والآخرة، ولا تضيعوه فتهلكوا، فإن كثيرًا من الناس قد غرقوا في المعاصي والمحرمات، وهؤلاء إذا رأوا


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2152)، ومسلم رقم (2743).