مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
الحمد لله رب
العالمين، كرم بني آدم وحملهم في البر والبحر، ورزقهم من الطيبات، وفضلهم على كثير
ممن خلق تفضيلاً، ووعد من شكره منهم أجرًا جزيلاً، وأعد لمن كفر بنعمه عذابًا
وبيلاً.
وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله، وخيرته من جميع برياته، صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه الذين آمنوا به
وعزروه، ونصروه، وتمسكوا بسنته في حياته، وبعد مماته، وسلم تسليمًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، ابن آدم، لقد خلقك الله في أحسن تقويم، وصورك فأحسن صورتك، ورزقك من الطيبات، فما هي مسؤوليتك في الحياة؟ إنها أعظم مسؤولية، فلقد تحملت أمانةً عظيمةً أبت أن تحملها السموات والأرض والجبال، وأشفقت منها، وحملتها أنت، ولك الثواب العظيم إن قمت بحقها ورعايتها، أو لك العذاب الأليم إن أضعتها وفرطت في حقها، وسخرت لك جميع الكائنات بما فيها من منافع لتستعين بها على تحمل هذه الأمانة والقيام بحقها. فهل تدري ما هذه الأمانة وما جزاء من رعاها، وعقوبة من أضاعها؟ إنها ما أوجب الله عليك من حقه وحقوق عباده، فإن وعيتها ورعيتها كنت من الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون. وإن أضعتها وأهملتها صرت في أسفل سافلين؛ قال الله تعالى: ﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ ٤ ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ ٥
الصفحة 1 / 441