×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وقد أخبر أن الملائكة جاءت لإبراهيم عليه السلام في صورة البشر،

****

لأنهم عند الله في السماء عندية إكرام وتقريب من الله سبحانه وتعالى، عنده يعني: في السماء، ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ، وهم الملائكة: ﴿لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ [الأنبياء: 19]، مع أن لهم مكانة مرتفعة عند الله سبحانه وتعالى، ومع هذا ﴿لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ، هم عباد، فكيف يدعون مع الله، وهم عباد؟! ﴿لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَلَا يَسۡتَحۡسِرُونَ [الأنبياء: 19]، لا يكفرون، ولا يملون من تواصل العبادة؛ فهم دائمًا يعبدون الله سبحانه وتعالى: ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفۡتُرُونَ [الأنبياء: 20]، ﴿وَمَن يَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّيٓ إِلَٰهٞ مِّن دُونِهِۦ فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّٰلِمِينَ [الأنبياء: 29]، لو قدِّر أن أحدًا من الملائكة - وحاشاهم - قال: إني إله، لعذَّبه الله أشد العذاب؛ لأنه منازع لله سبحانه وتعالى، ﴿فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّٰلِمِينَ هذا ظلم؛ لأن الشرك هو أعظم الظلم: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ [لقمان: 13]، ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفۡتُرُونَ [الأنبياء: 20]، ﴿وَمَن يَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّيٓ إِلَٰهٞ مِّن دُونِهِۦ فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ [الأنبياء: 29]، هذه أوصاف الملائكة، وهذه الأوصاف تدل على أن الملائكة ذوات موجودة، ليست أفكارًا ذهنية، أو قوى؛ كما يقوله الزنادقة.

الملائكة - أيضًا - مما يدل على أنهم موجودون، وأنهم ليسوا أفكارًا وقوى ذهنية، إنما هم ذوات مخلوقة، في الحديث خلق الله الملائكة من النور ([1])، جاؤوا إلى إبراهيم يتشكلون؛ لأن البشر لا يطيقون رؤية الملك على صورته وخلقته، فيأتون إلى البشر في صور


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2996).