وقد
أخبر أن الملائكة جاءت لإبراهيم عليه السلام في صورة البشر،
****
لأنهم
عند الله في السماء عندية إكرام وتقريب من الله سبحانه وتعالى، عنده يعني: في
السماء، ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ﴾، وهم الملائكة: ﴿لَا
يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ﴾ [الأنبياء: 19]، مع أن لهم مكانة
مرتفعة عند الله سبحانه وتعالى، ومع هذا ﴿لَا
يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ﴾، هم عباد، فكيف يدعون مع الله، وهم
عباد؟! ﴿لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ
عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَلَا يَسۡتَحۡسِرُونَ﴾
[الأنبياء: 19]، لا يكفرون، ولا يملون من تواصل العبادة؛ فهم دائمًا يعبدون الله
سبحانه وتعالى: ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيۡلَ
وَٱلنَّهَارَ لَا يَفۡتُرُونَ﴾ [الأنبياء: 20]، ﴿وَمَن يَقُلۡ
مِنۡهُمۡ إِنِّيٓ إِلَٰهٞ مِّن دُونِهِۦ فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ كَذَٰلِكَ
نَجۡزِي ٱلظَّٰلِمِينَ﴾
[الأنبياء: 29]، لو قدِّر أن أحدًا من الملائكة - وحاشاهم - قال: إني إله، لعذَّبه
الله أشد العذاب؛ لأنه منازع لله سبحانه وتعالى، ﴿فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ هذا ظلم؛ لأن الشرك هو أعظم الظلم: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ
لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان:
13]، ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ
لَا يَفۡتُرُونَ﴾
[الأنبياء: 20]، ﴿وَمَن
يَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّيٓ إِلَٰهٞ مِّن دُونِهِۦ فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ﴾ [الأنبياء: 29]، هذه أوصاف الملائكة، وهذه الأوصاف تدل
على أن الملائكة ذوات موجودة، ليست أفكارًا ذهنية، أو قوى؛ كما يقوله الزنادقة.