وأما السماع المحدث - سماع الكف والدف والقصب -
فلم تكن الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر الأكابر من أئمة الدين يجعلون هذا
طريقًا إلى الله تبارك وتعالى . ولا يعدونه من القرب والطاعات ؛ بل يعدونه من
البدع المذمومة، حتى قال الشافعي: خلفت ببغداد شيئًا أحدثته الزنادقة يسمونه
التغبير، يصدون به الناس عن القرآن ،
****
إذا سمع القرآن، أغلق المذياع، وإذا سمع
الأغاني، انبس وفرح، وتجده لا يصبر على القرآن ولا دقيقة أو دقيقتين، أما الأغاني،
يمكن أن يقضي معها كل ليله ونهاره.
مع
الأغاني والمزامير، بل إن بعضهم يترك عمله، أو يترك الصلاة، ويذهب إلى أغنية
فلانة؛ لأنه جاء موعدها في البرنامج، فيذهب ويحضرها؛ لئلا تفوته؛ لأن قلبه مربو
بها - والعياذ بالله -.
لا
يجعلون الأغاني والدفوف والمزامير طريقا إلى الله، وإلى تليين القلوب، بالعكس الغناء
والمزامير والدفوف تقسي القلوب، وتزرع النفاق في القلوب، وتزرع الشهوة والعشق في
القلوب، بخلاف القرآن؛ فإنه يزرع الخشية والخوف والطمع فيها عند الله، والخوف مما
أعد الله للكافرين.
كما
يعده هؤلاء؛ لأن الصوفية يعدون الأغاني والدفوف من الطاعات، فلذلك يأتون بها إلى
المساجد، ويقيمونها في المساجد، بدل القرآن.
والتغبير
هو: الأغاني، والمزامير، والدفوف.
يقول
الشافعي: أحدثوه في بغداد، ما كان معروفًا عند السلف وأهل
العلم.