وهذا بخلاف الأحوال الشيطانية؛ مثل: حال عبد الله
بن صيادٍ، الذي ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد ظن بعض الصحابة أنه
الدجال، وتوقف النبي صلى الله عليه وسلم في أمره، حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو
الدجال، لكنه كان من جنس الكهان .
****
انتهى الآن من الكرامات، وانتقل إلى الخوارق
الشيطانية، التي يضل بها كثير من الناس.
سبق لنا أن الخارق للعادة إن جرى على يد نبي، فهو معجزة، وإن جرى على يد ولي، فهو كرامة، وإن جرى على يد عدو لله، فهو خارق شيطاني، وليس كرامة، وإنما هي خوارق شيطانية، فالشياطين يعملون مع أوليائهم من الإنس أشياء تخرق العادة عند الناس: يطيرون بهم في الهواء، يسيرون بهم على الماء، يحملونهم، يحضرون إليهم الأشياء الغائبة بسرعة؛ من أجل أن يضلوهم، ويضلوا بهم؛ فينبغي الفرق بين كرامة الولي والخوارق الشيطانية التي تجري على أيدي أعداء الله. فإذا جرى الخارق للعادة على أيدي أحد، نظرت، فإن كان تقيًّا صالحًا، فهي كرامة؛ لأن الله قال: ﴿أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦٢ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ٦٣﴾ [يونس: 62- 63]، وإن كان فاجرًا كفارًا، فهي استدراج من الله عز وجل؛ بأن سلط عليه الشياطين، فصارت تظهر على يده أشياء؛ لأجل الدجل والشعوذة، وإضلال من ينخدع بها. فالنظر إلى حالة من تجري على يده الخوارق، فإن كان تقيًّا مؤمنًا، فهي كرامات، وإن كان فاجرًا شقيًّا، فهي استدراج، وهي خوارق شيطانية، فإن الشياطين تخدم أولياءها من الإنس:
الصفحة 1 / 347