وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا
أمروا واحدًا منهم أن يقرأ والباقون يستمعون، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يقول لأبي موسى الأشعري: ذَكِّرْنَا رَبَّنَا. فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ ([1])، ومر النبي صلى
الله عليه وسلم بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ، فقال له: «مَرَرْتُ بِكَ الْبَارِحَةَ
وَأَنْتَ تَقْرَأ فَجَعَلْتُ أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ» فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ
أَنَّكَ تَسْتَمِعُ لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا ([2]). أي: لحسنته لك
تحسينًا. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ
بِأَصْوَاتِكُمْ» ([3]) ،
****
اجتمعوا على كتاب الله، و يقولون: هذا
ذكر لله.
كان
أبو موسى الأشعري رضي الله عنه له صوت حسن في القرآن، وكان النبي صلى الله عليه
وسلم يستمع إليه، وهو يصلي بالليل، ويتلذذ بصوته رضي الله عنه، وكان عمر رضي الله
عنه إذا اجتمعوا، أمره أن يقرأ، وهم يستمعون، يتلذذون بالقرآن، ما يتلذذون
بالمُكاء والتَّصدية والدُّفوف والأغاني.
يعني:
في الليل يصلي.
عني:
لو علم أن الرسول يستمع إليه، لزيَّن صوته أكثر مما سمعه الرسول صلى الله عليه
وسلم؛ لأن الله أعطاه حسن الصوت.
ولذلك يستحب لقارئ القرآن أن يزينه بصوته، ولا يهذّه هذَّ الشعر، أو ينثره نثر الدقل، وإنما يزينه بصوته، ويؤديه أداء حسنا؛ حتى يؤثر في نفسه، ويؤثر على السامعين، لكن لا يبالغ بما يسمونه التجويد
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (3536)، وعبد الرزاق رقم (4179).
الصفحة 1 / 347