والأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- يخبرون بما
تعجز عقول الناس عن معرفته، لا بما يعرف الناس بعقولهم أنه ممتنعٌ ، فيخبرون
بمحارات العقول لا بمحالات العقول ، ويمتنع أن يكون في إخبار الرسول ما يناقض صريح
العقول، ويمتنع أن يتعارض دليلان قطعيان؛ سواء كانا عقليين أو سمعيين، أو كان
أحدهما عقليًّا والآخر سمعيًّا،
****
ونهيه، فهم أعظم الخلق، أعظم الخلق علمًا،
وأعظمهم كشفًا، وأعظمهم عقولاً، وما جاؤوا بهذا الذي جاء به أهل وحدة الوجود.
الأنبياء يأتون بما يحير العقول، ولا يأتون بما يخالف العقول السليمة، ولهذا للشيخ كتاب من أعظم كتبه فيه موافقة العقل للشرع، فقال: العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، العقل الصريح السليم لا يخالف النقل الصحيح، فإن اختلف العقل والنقل، فلا بد إما أن النقل غير صحيح، وإما أن العقل غير صريح، هذه قاعدة، فالأنبياء ما جاؤوا بما يخالف العقول، قد جاؤوا بما تعجز عنه العقول، ولا تدركه العقول، أما أن يأتوا بشيء يخالف العقول السليمة، فهذا لن يكون أبدًا.
يعني:
ما يحيرها؛ أمور الآخرة، وأمور لا تدركها العقول.
لا يأتون بشيء لا تجيزه العقول، لكن يأتون بشيء
تتحير فيه العقول؛ لأن العقول مخلوقة قاصرة، لا تدرك كل شيء.
هذا
معنى القاعدة: موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح، لا يختلفان
أبدًا.
الصفحة 1 / 347