وفي الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في نفرٍ من الأنصار إِذْ رُمِيَ
بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا كُنْتُمْ
تَقُولُونَ لِمِثْلِ هَذَا فِي الجَاهِلِيَّةِ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ؟» قَالُوا:
كُنَّا نَقُولُ: يَمُوتُ عَظِيمٌ أَوْ يُولَدُ عَظِيمٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ لاَ يُرْمَى بِهِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ،
وَلَكِنَّ رَبَّنَا تبارك وتعالى إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ لَهُ حَمَلَة
العَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْل هَذِهِ السَّمَاءِ، ثُمَّ
يَسْأَل أَهْل السَّمَاءِ السَّابِعَةِ حَمَلَة الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا؟
فَيُخْبِرُونَهُمْ ثُمَّ يَسْتَخْبِرُ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ حَتَّى يَبْلُغَ
الخَبَرُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَتَخْطِفُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ
فَيُرْمَوْنَ فَيَقْذِفُونَهُ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى
وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَزِيدُونَ» ([1])
****
هذا حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، كلها تدل على أن الشياطين يحاولون استراق السمع مما يتكلم به الملائكة في السماء، ولكن الله قيض لهم الشهب - وهي النجوم -؛ رجومًا للشياطين، تنبثق منها شهب ترمي الشياطين، فتحرقهم، وقد يدركه الشهاب قبل أن يلقي الكلمة التي سمعها، وقد يلقيها قبل أن يدركه الشهاب، فيكذبون معها مائة كذبة، ويروِّجونها على الناس من باب الفتنة، هؤلاء هم الشياطين، والكهان أتباع الشياطين، هم كهان، وليسوا أولياء لله، لا يقال: إن هذه كرامات وإنما هؤلاء كهان من عملاء الشيطان - والعياذ بالله -، ففرق بين ولي الله وعدو الله، وإن
الصفحة 1 / 347