إخوانه، وكذلك الأسرار التي يتحملها، إذا
حمَّلوك الأسرار، وقالوا: لا تفشها. فهذه أمانة، السر أمانة، وكذلك الودائع، الذين
يودعونك، ويأتمنونك عليها هذه أمانة، بعض الناس يظن أن الأمانة مجرد الودائع فقط،
الودائع نوع من أنواع الأمانة، وليست هي الأمانة كلها، وكذلك الأمانة بينك وبين
نفسك، الله ائتمنك على نفسك بأن تنظر في مصالحها، وتجنبها المضار، وتحملها على
المصالح وعلى الطاعات؛ فهي أمانة عندك، لا تهمل نفسك.
إذًا
الأمانة شاقة، ولذلك السماوات والأرض أبين أن يحملنها؛ لأنها شاقة، وأشفقن منها، ﴿وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ﴾ [الأحزاب: 72] آدم وذريته آثروا المغنم؛ لأن من أطاع
الله فيها، وأداها، حصل على الأجر العظيم، فهم آثروا المغنم الذي فيها، والسماوات
والأرض والجبال آثرت السلامة، أما الإنسان، فحملها؛ رجاء ما عليها من الثواب
والأجر، إذا قاموا فيه ﴿إِنَّهُۥ كَانَ
ظَلُومٗا﴾ [الأحزاب: 72] أي: الإنسان ظلوم
لنفسه، ﴿جَهُولٗا﴾
[الأحزاب: 72] بحق الأمانة، لم يحسب لها حسابها، ثم قال عز وجل: ﴿لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ
وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ﴾
[الأحزاب: 73] يعني: من بني الإنسان الذين تحملوا هذه الأمانة، ﴿وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ
وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمَۢا﴾
[الأحزاب: 73]، فذكر أن الناس نحو هذه الأمانة ثلاثة أقسام:
القسم
الأول: مَن خان الأمانة ظاهرًا وباطنًا، وهم الكفار والمشركون،
خانوها ظاهرًا وباطنًا.
الصفحة 1 / 347