ولهذا كان الذين يسجدون للشمس والقمر والكواكب
يقصدون السجود لها، فيقارنها الشيطان عند سجودهم؛ ليكون سجودهم له، ولهذا يتمثل
الشيطان بصورة من يستغيث به المشركون.
فإن كان نصرانيًّا
واستغاث بجرجس أو غيره جاء الشيطان في صورة جرجس أو من يستغيث به، وإن كان منتسبًا
إلى الإسلام واستغاث بشيخٍ يحسن الظن به من شيوخ المسلمين جاء في صورة ذلك الشيخ،
وإن كان من مشركي الهند جاء في صورة من يعظمه ذلك المشرك.
ثم إن الشيخ
المستغاث به إن كان ممن له خبرة بالشريعة لم يعرفه الشيطان أنه تمثل لأصحابه
المستغيثين به، وإن كان الشيخ ممن لا خبرة له بأقوالهم نقل أقوالهم له، فيظن أولئك
أن الشيخ سمع أصواتهم من البعد وأجابهم، وإنما هو بتوسط الشيطان.
ولقد أخبر بعض
الشيوخ الذين كان قد جرى لهم مثل هذا بصورة مكاشفة ومخاطبة، فقال: يرونني الجن
شيئًا براقًا مثل الماء والزجاج، ويمثلون له فيه ما يطلب منه الإخبار به. قال:
فأخبر الناس به ويوصلون إلى كلام من استغاث بي من أصحابي فأجيبه، فيوصلون جوابي
إليه. وكان كثيرٌ من الشيوخ الذين حصل لهم كثير من هذه الخوارق إذا كذب بها من لم
يعرفها وقال: إنكم تفعلون هذا بطريق الحيلة كما يدخل النار بحجر الطلق، وقشور
النارنج، ودهن الضفادع، وغير ذلك من الحيل الطبيعية.
الصفحة 1 / 347