وَإِنْ
كَانَ الرَّجُلُ مُطِيعًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا لَمْ
يُمْكِنْهُمْ الدُّخُولُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ مُسَالَمَتُهُ.
وَلِهَذَا لَمَّا
كَانَتْ عِبَادَةُ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْرُوعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي هِيَ
بُيُوتُ اللهِ كَانَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ أَبْعَدَ عَنْ الأَحْوَالِ
الشَّيْطَانِيَّةِ ،
****
وهذا المعبود بريء من ذلك كل البراءة، وينكرها
يوم القيامة، سواء الملائكة أو غيرهم ينكرون أن هؤلاء عبدوهم، وإنما يقولون: كانوا
يعبدون الجن، أي: الشياطين ﴿كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم
مُّؤۡمِنُونَ﴾ [سبأ: 41]، الله بيَّن كل
شيء، ووضَّح كل شيء في القرآن، ولكن أين الذي يقف مع القرآن ويتدبر آياته؟! الله
أخبر أن الإنس يستمتعون بالجن بسبب أن الإنس يكفرون بالله، ويطيعون الجن، و
يقولون: ﴿وَيَوۡمَ
يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ
وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ
أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ
إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ ١٢٨ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي
بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ١٢٩﴾ [الأنعام: 128- 129]، ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ
شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ﴾
[الزخرف: 36]، الله بيَّن هذا في القرآن. من كان يؤمن بالله ويتقيه ظاهرًا
وباطنًا، لا تقربه الشياطين، وإنما ما يحصل على يده من خوارق العادات إنما هو
كرامة أجراها الله على يده، وليست من خوارق السحرة والكهان والشياطين، فيجب الفرق
بين هذا وهذا؛ لئلا يلتبس الأمر كما التبس على كثير من الناس.
لأن
المساجد هي بيوت الله عز وجل، وهي مهبط الملائكة والرحمة والسكينة، والشياطين لا
تقرب المساجد، إنما تقرب الأمكنة القذرة،
الصفحة 1 / 347