وَكَانَ أَهْلُ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ
يُعَظِّمُونَ الْقُبُورَ وَمَشَاهِدَ الْمَوْتَى، فَيَدْعُونَ الْمَيِّتَ، أَوْ
يَدْعُونَ بِهِ، أَوْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَهُ مُسْتَجَابٌ -
أَقْرَبَ إِلَى الأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ ،
****
أو
تقرب المحلات الخفية، والسراديب المظلمة، والكهوف البعيدة، والأماكن السرية، هذه
محلات الشياطين.
أما
المساجد، فهي بيوت الله، يجتمع فيها المسلمون، ويلقى فيها العلم والذكر، فلا
تقربها الشياطين. فأنت تجد الذي يعمر المساجد، ويتردد إليها سالمًا من هؤلاء
الشياطين، تجد عليه الصلاح، والاستقامة؛ كما قال عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ
وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ
إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [التوبة: 18]، الآية وضحت هذا أن الذين يعمرون مساجد
الله هم أهل الإيمان، وأن الشياطين من الناس لا يقربون المساجد، بل ينفرون منها،
ويفرون منها، وهذا شيء ظاهر.
كما
سبق أن القبور لا تجوز العبادة عندها: لا الصلاة، ولا الدعاء، إلاَّ الدعاء للميت،
فلا بأس، أما الدعاء للزائر، فلا يجوز أن تدعو الله لنفسك عند القبر، فدعاء
الأموات هذا شرك أكبر، والدعاء عند الأموات هذا بدعة، ووسيلة إلى الشرك، وكذلك
الدعاء بالأموات؛ كأن تتوسل بهم إلى الله، هذا بدعة ووسيلة إلى الشرك - كما سبق -،
فدعاؤها أو الدعاء عندها، أو الدعاء بها كل ذلك لا يجوز.
فالذي يعتقد أن الدعاء عند القبور مستجاب هذا قريب حاله من الأحوال الشيطانية؛ لأن الله لم يشرع لنا الدعاء عند القبور، وإنما شرع لنا الدعاء في المساجد، التي هي بيوته.