فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى،
اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1]) .
****
«لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى» السبب: «اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» هذا هو سبب اللعنة، ومعنى مساجد: أي: مصليات يصلون عندها، ويدعون الله عندها؛ رجاء أن الدعاء عندها، والصلاة عندها مستجابة، أفضل من غيرها، فلذلك لعنهم الله؛ أي: طردهم، وأبعدهم من رحمته، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر لنا ذلك تحذيرًا من أن نتشبه بهم، ونفعل مثل فعلهم، ونتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد؛ كما اتخذها اليهود والنصارى مساجد، ولكن مع الأسف تجد في كثير من البلاد أن المسجد الذي ليس فيه قبر لا يتجه إليه إلاَّ النوادر من الناس، ولا يرغبونه، والمسجد الذي فيه قبر تجد الناس معتكفين فيه، جالسين فيه، ويصلون فيه الفرائض، فهو يضاهي المسجد الحرام. لأن الصلوات الخمس تبث من المسجد الحرام، ويسمعها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، ويضاهون المسجد الحرام، فيبثون الصلاة عند القبور: قبر فلان، وقبر فلانة، الست فلانة، وقبر فلان، ويذيعون وينشرون الصلاة عندها؛ مضاهاة للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، فهؤلاء لا شك لعب بهم شياطين الإنس والجن، والصلاة في المسجد الذي فيه قبر لها قيمة عندهم، وأما الصلاة في المسجد الذي ليس فيه قبر، فلا يرغبونها، وهذه مصيبة. مع أن المسجد الذي فيه قبر
([1]) أخرجه: البخاري رقم (530).