وأما
السابقون المقربون فأعلى من هؤلاء، كما أن العبد الرسول أعلى من النبي الملك .
ولما كانت الخوارق
كثيرًا ما تنقص بها درجة الرجل، كان كثير من الصالحين يتوب من مثل ذلك، ويستغفر
الله تعالى كما يتوب من الذنوب: كالزنا والسرقة ،
****
وكذلك
في سورة المطففين ذكر هذه الطبقات المؤمنة، وكلهم أولياء لله، لكن يتفاوتون في
الولاية، فالسابقون أعظم الأولياء، ثم يليهم الأبرار، أصحاب اليمين المقتصدون، ثم
يليهم عموم المؤمنين الذين خلطوا بين عمل صالح وآخر سيء، عسى الله أن يتوب عليهم.
السابقون أعلى من الأبرار.
العبد
الرسول - مثل: محمد صلى الله عليه وسلم - أعلى من النبي الملك -مثل: داود، وسليمان
عليه السلام نبيان وملكان-، ومحمد صلى الله عليه وسلم عبدٌ رسول، والعبد الرسول
أفضل من النبي الملك، هذا يدل على أن الأنبياء يتفاضلون: ﴿تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ﴾ [البقرة: 253]، وكذلك سائر المؤمنين يتفاضلون، وهذا فضل
الله يؤتيه من يشاء.
الكرامات
هي لا شك أنها جزاء على الأعمال الصالحة، قد ينقص بها أجره عند الله سبحانه وتعالى،
فلهذا كان أهل الإيمان الصادق يحذرون من هذه الأمور أن تكون محسوبة عليهم، تؤخذ من
أعمالهم ودرجاتهم، وهذا من عظيم خوفهم من الله سبحانه وتعالى يريد كمال أجره عند
الله، ولا يريد أن يؤخذ منه شيء في الدنيا.
فهو
يتوب من الكرامات، ويخاف منها أكثر مما يخاف من الذنوب والمعاصي، هذا من فقههم
ومعرفتهم بالله عز وجل.
الصفحة 1 / 347