فصل
ومما يجب أن يعلم
أن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الجميع الإنس والجن، فلم يبق إنسي ولا
جني إلاَّ وجب عليه الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم واتباعه، فعليه أن يصدقه
فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، ومن قامت عليه الحجة برسالته فلم يؤمن به فهو كافر،
سواء كان إنسيًّا أو جنيًّا .
****
كما
أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للإنس، فهي عامة للجن؛ فهو مبعوث إلى
الثقلين الجن والإنس، فتجب على الجن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، كلهم لا
يتخلف أحد، ولذلك لما سمع نفرٌ من الجن القرآن، أعجبهم، واستمعوا له، وذهبوا إلى
قومهم، ودعوهم إلى الله، وبلغوهم ما سمعوا من القرآن: ﴿يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ
بِهِۦ﴾ [الأحقاف: 31]، دلَّ هذا
على أن الجن مخاطبون بالقرآن، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم مبعوث إليهم.
أن
يصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر؛ في الأخبار الماضية والأخبار المستقبلة
مما أطلعه الله عليه من علم الماضي والمستقبل، أخبر عنه، يصدق المسلم الرسول في
هذا - الجني والإنسي -، ويطيعه فيما أمر، أمر صلى الله عليه وسلم بأوامر، فيجب
امتثالها.
من بلغته الحجة ببعثته صلى الله عليه وسلم في المشارق والمغارب من العرب والعجم والجن والإنس، فلم يؤمن، فهو كافر؛ من اليهود والنصارى، من أهل الكتاب، إذا لم يؤمنوا بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم كفار، لا شك في كفرهم، بل كفرهم أغلظ من كفر غيرهم؛ لأنهم عرفوا الحق، وعاندوه بعد معرفته وسوء كان كتابيًّا أو غير كتابي.
الصفحة 1 / 347