وقد ثبت في «الصحيحين» عن عائشة رضي الله عنها عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم ير جبريل في صورته التي خلق عليها غير مرتين،
يعني: المرة الأولى بالأفق الأعلى، والنزلة الأخرى عند سدرة المنتهى ([1])، ووصف جبريل عليه
السلام في موضعٍ آخر بأنه الروح الأمين ، وأنه روح القدس،
****
﴿وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٩٢نَزَلَ بِهِ
ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤﴾ [الشعراء: 192: 194]، فسماه الروح الأمين على ما يؤتمن
عليه، وهو الوحي، لا يزيد في الوحي، ولا ينقص، ولا تقربه الشياطين.
وصفه بأنه الروح الأمين؛ كما في سورة الشعراء، ووصفه بأنه روح القدس، يعني: الطهر؛ كما قال عز وجل: ﴿قُلۡ نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلۡقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّ﴾ [النحل: 102]، وهذا يدل على أن الملائكة لهم ذوات، ولهم وجود يرى، ويشاهد، رآه محمد صلى الله عليه وسلم على صورته، ورآه الناس في صورته التي ظهر عليهم بها، فلو كان قوى نفسية، لما ظهر، ويتكلم أيضا، ويخاطب: «أَخْبِرْنِي عَنِ الإِْسْلاَمِ،... فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِْيمَانِ،... فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِْحْسَانِ،...»، إلى آخر الحديث ([2])، هل هذا قوى نفسانية؟ الصحابة يسمعون هذا، ويرون الشخص.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4855)، ومسلم رقم (177).
الصفحة 1 / 347