أحدهما: أن موسى لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولا
كان على الخضر اتباعه، فإن موسى كان مبعوثًا إلى بني إسرائيل، وأما محمد صلى الله
عليه وسلم فرسالته عامة لجميع الثقلين الجن والإنس، ولو أدركه من هو أفضل من الخضر
- كإبراهيم وموسى وعيسى - وجب عليهم اتباعه، فكيف بالخضر، سواء كان نبيًّا أو
وليًّا؟!
****
والخضر
عبد صالح، اختلفوا فيه: هل هو نبي أو ولي من أولياء الله؟ عنده علم، أعطاه الله
علمًا، ﴿فَوَجَدَا
عَبۡدٗا مِّنۡ عِبَادِنَآ ءَاتَيۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَعَلَّمۡنَٰهُ
مِن لَّدُنَّا عِلۡمٗا﴾
[الكهف: 65]، فهو عنده علم من الله سبحانه وتعالى، وليس من ذَوقه، أو من وَجْده،
أو من...، بل من الله، أعطاه الله له، وقيل: إنه نبي يوحى إليه. رجح بعض العلماء
أنه نبي، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله يرجح أن الخضر نبي؛ لأنه ظهر
على يده معجزات لا تكون إلاَّ للأنبياء، والفريق الثاني على أنه عالم وولي من
أولياء الله.
رسالة موسى عليه السلام خاصة، وليست عامة، لا
تعمُّ الخضر، ما عمت أهل الأرض كلهم مثل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وقال صلى
الله عليه وسلم لما ذكر خصائصه، قال: «أُعْطِيتُ
خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي» ذكر منها: «وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ
خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً» ([1])
وهذا كما في قوله عز وجل: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ
بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا﴾ [سبأ: 28]،
﴿قُلۡ
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158].
كما قال الله عز وجل: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن
الصفحة 1 / 347