ولهذا قال الخضر لموسى: «إِنَّا عَلَى عِلْمٍ مِنْ
عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لاَ تَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ
عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ» ([1]) . وليس لأحد من
الثقلين الذين بلغتهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول مثل هذا .
الثاني: أن ما
فعله الخضر لم يكن مخالفًا لشريعة موسى عليه السلام، لم يكن علم الأسباب التي تبيح
ذلك ،
****
كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ
لِّمَا مَعَكُمۡ﴾ [آل
عمران: 81]؛ يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم، ﴿لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ
ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ
قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ﴾
[آل عمران: 81]، أخذ الله الميثاق على الأنبياء جميعًا أنه لو بعث محمدًا صلى الله
عليه وسلم، ومنهم أحد حي أنه لا يسعه إلاَّ اتباعه، فكيف بغيرهم؟! وعلى الخلاف:
سواء كان نبيًّا أو وليًّا، ما يلزمه اتباع موسى؛ لأنه لم يرسل إليه، وبهذا يجزم
بأن الخضر ميت؛ ردًّا على الذين يزعمون أنه حي؛ لأنه لو كان حيًّا، لجاء إلى
الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبعه.
فدلَّ على أن الخضر عنده علم، كما أن موسى عليه
السلام عنده علم.
ليس
لأحد أن يخرج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويقول: أنا عندي علم ليس عند محمد
صلى الله عليه وسلم، كما قاله الخضر مع موسى، ليس لأحد أن يقول هذا؛ لأن الله أوجب
على الخلق اتباعه صلى الله عليه وسلم.
الجواب الثاني: أن الخضر لم يعمل أشياء مخالفة لشريعة
([1]) أخرجه: البخاري رقم (438)، ومسلم رقم (2380).