فلما بينها له وافقه على ذلك، فإن خرق السفينة ثم
ترقيعها لمصلحة أهلها خوفًا من الظالم أن يأخذها إحسان إليهم، وذلك جائزٌ وقتل الصائل جائزٌ وإن كان صغيرًا ،
****
موسى عليه السلام؛ فلم يكن لأحد أن يخرج على الشريعة،
ويحتج بالخضر؛ لأن الخضر لم يعمل شيئًا يخالف شريعة موسى عليه السلام، لكن فعل
أشياء خفيت على موسى عليه السلام، فلما وضَّحها له، أقرَّه على ذلك واعترف له.
قصة
خرقه للسفينة في البحر، وقصة قتله للغلام، وقصة إقامته للجدار في البلد الذي لم يضيفوه،
هذه تخفى على موسى، فبيَّنها له الخضر: ﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأۡوِيلِ مَا لَمۡ تَسۡتَطِع عَّلَيۡهِ
صَبۡرًا﴾ [الكهف: 78].
موسى
عليه السلام قال: ﴿أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا﴾ [الكهف: 71] هذا في الظاهر، ولم يكن يعلم مقصود الخضر،
الخضر علم أن هناك ملكًا غاصبًا يأخذ كل سفينة صالحة، فالخضر عليه السلام خرقها
ليعيبها؛ فلا يأخذها ذلك الجبار، ثم رقعها، فإذا رأى الملك هذه السفينة مرقعة،
تركها.
وقتله للغلام لأنه خاف على أبويه أن يضلهما إذا
كَبِر؛ لأن الله أطلعه على أن هذا الغلام لو كبر، لأضلَّ أبويه، فقتله؛ لأن هذا له
حكم الصائل، والصائل يجوز قتله: ﴿وَأَمَّا ٱلۡغُلَٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤۡمِنَيۡنِ فَخَشِينَآ
أَن يُرۡهِقَهُمَا طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗا ٨٠ فَأَرَدۡنَآ أَن يُبۡدِلَهُمَا رَبُّهُمَا
خَيۡرٗا مِّنۡهُ زَكَوٰةٗ وَأَقۡرَبَ رُحۡمٗا ٨١﴾
[الكهف: 80- 81]، فهو من باب قتل الصائل؛ لأنه لو كبر، لصال على والديه، فأضلهما،
وهذا مما أطلعه الله عليه. لو جاء واحد يريد أن يقتلك، وهو صغير له سبع سنين، ولا
يندفع إلاَّ بقتله، تقتله.