وبسط هذه الجمل له موضع آخر، وإنما كتبت هنا
تنبيهًا على مجامع الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وجمع الفرق بينهما
اعتبارهم بموافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه هو الذي فرق الله تعالى به
بين أوليائه السعداء وأعدائه الأشقياء،
****
ولذلك عنوان الكتاب: الفرقان بين أولياء
الرحمن وأولياء الشيطان، هذا هو الفرقان.
لما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الناس
كافة، منهم من أطاعه، وآمن به؛ فنال رضا الله سبحانه وتعالى وكرامته، ومنهم من عصى
هذا الرسول، وكفر به؛ فنال غضب الله وسخطه ولعنته: ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ رَسُولٗا شَٰهِدًا
عَلَيۡكُمۡ كَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولٗا ١٥ فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ
ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا ١٦﴾ [المزمل: 15- 16]، فمن أطاع
هذا الرسول، واتبع أمره، واجتنب نهيه، واقتدى به، فإنه ينال رضا الله، ومن خالف
أمره، وكفر به، فإنه ينال غضب الله سبحانه وتعالى، هذا هو الفرقان بين أولياء
الرحمن وأولياء الشيطان؛ أن أولياء الرحمن أطاعوا الرسول، وأما أولياء الشيطان،
فهم عصوا الرسول. ولو تركهم، ولم يرسل رسولاً، لما حصل فرق، ولا تبين هذا من هذا،
إنما يتبين هذا بإرسال الرسل وإنزال الأوامر والنواهي، هي التي تفرق بين أولياء
الرحمن وأولياء الشيطان، أما لو لم ترسل الرسل، وتنزل الكتب، لما تميز هذا من هذا.
الشرح