وقال تعالى: ﴿وَإِذۡ
زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ
مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٞ لَّكُمۡۖ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلۡفِئَتَانِ نَكَصَ
عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّنكُمۡ إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا
تَرَوۡنَ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَۚ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [الأنفال: 48].
****
من اتبع الرسل: جنات تجري من تحتها الأنهار،
وأيضًا خالدين فيها، لا يخافون أن تؤخذ منهم، أو يؤخذون منها، هي لهم دائمًا، هذه
نتيجة الإيمان بالله، وبكتبه، وبرسله، وباليوم الآخر، ولكن هذا يحتاج إلى صبر، ولا
يأتي عفوًا في الدنيا، يحتاج إلى صبر وثبات، يحتاج إلى علم ومعرفة، لا يأتي عفوًا
هكذا بدون تعب، وبدون معرفة، وبدون ثبات وصبر؛ ولهذا تقول الملائكة لهم: ﴿سَلَٰمٌ
عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ﴾
[الرعد: 24]، ما نالوا هذا الشيء بالعفو والسهولة، وإنما قاسوا، وصبروا: ﴿سَلَٰمٌ
عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾
[الرعد: 24].
فالحاصل:
أن هذا مصير هؤلاء وأمثالهم ممن خالفوا الرسل، وخالفوا الكتب، وأخذوا بعقولهم
وأهوائهم، وقادتهم شياطين الإنس والجن إلى هذا المصير المؤلم الذي لا نجاة منه يوم
القيامة.
﴿وَإِذۡ
زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ﴾،
وهذا موقف من مواقف الشيطان مع بني آدم، وهو موقفه مع الكفار والمشركين يوم بدر،
ظهر لهم في صورة سيد من سادات العرب، وقال: إنِّي جار لكم، ومن عادات العرب
الجوار، فهم يستجيرون بالأقوياء وبالرؤساء: ﴿وَإِذۡ
زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ
مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٞ لَّكُمۡۖ﴾، لا
تخافوا، فأوردهم وعزمهم على القتال، وغرَّر بهم على
الصفحة 5 / 347