×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وقال تعالى: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ [التغابن: 11]. قال ابن مسعود: هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ  فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ .

****

 الله عز وجل قال له: اصبر، هذا قضاء وقدر، ﴿وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ [غافر: 55]، لم يقل: اصبر على ذنبك، بل قال: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ، فالذنب الذي يفعله الإنسان باختياره وإرادته يحتاج إلى الاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ فالله فرَّق بين المصيبة وبين الذنب، عند المصيبة قال: ﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ [غافر: 55] ولا تجزع وتترك الدعوة إلى الله، بل اصبر، واستغفر لذنبك، إذا حصل منك ذنب، فاستغفر. الآية واضحة في هذا.

هذا احتجاج بالقدر على المصيبة، وأنها بإذن الله وقدره، فلا تجزع، ولا تتسخط لقضاء الله وقدره، ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يعلم أن هذه المصيبة بإذن الله، ﴿يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ للإيمان.

الآية تعني: الرجل إذا أصابته مصيبة، يعلم أنها من عند الله، وأنه لا فرار له منها، قال صلى الله عليه وسلم: «وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ» ([2]).

 ولم يجزعوا، مع بذل الأسباب، والمؤمن لا يصبر ويعطِّل


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4699)، وابن ماجه رقم (77)، وأحمد رقم (21589).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2664).