وقال تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة: 8]. أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل؛ فإن العدل واجب على كل أحدٍ «في كل أحد» ([1]) في كل حالٍ؛ لأن العدل به قامت السموات والأرض، وهو محبوب إلى كل النفوس، وبه تنتظم المصالح ويأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
وأمر الله تعالى بالعدل في القصاص؛ فيؤاخذ الجاني بمثل جنايته من غير زيادة، قال تعالى: ﴿وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ﴾ [الشورى: 40]، وقال تعالى: ﴿وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦ﴾ [النحل: 126]، وقال تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيۡهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ﴾ [الحج: 60]، وقال تعالى: ﴿فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱعۡتَدُواْ عَلَيۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡۚ ﴾[البقرة: 194].
ويجب على المسلمين الإصلاح بين الفئتين المتقاتلتين بالعدل بينهما؛ قال تعالى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9]. أي اعدلوا بينهما فيما كان أصاب بعضهم لبعض بالقسط وهو العدل، فهو سبحانه يأمر المؤمنين أن يقوموا بالإصلاح بين المقاتلين، فإن أبت إحدى الطائفتين قبول الإصلاح فهي باغية، وعلى المؤمنين جميعًا أن يقاتلوا البغاة حتى يرجعوهم إلى قبول حكم الله، فإذا رجعوا إليه قام المؤمنون بالإصلاح القائم على العدل بإنصاف كل طائفة من الطائفة الأخرى، حتى يستتب الأمن ويرجع الصفاء والمحبة بين المؤمنين بموجب الأخوة الدينية.
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.