وقد رأي النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد، ورأى رجلاً يصلي ولا يطمئن في صلاته فقال له: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ...» ([1]) ومنهم من يتهاون بالصلاة مع الجماعة، وهذا من علامات النفاق، ومن ترك الصلاة مع الجماعة من غير عذر شرعي فقد ارتكب جرمًا عظيمًا، واستحق عقوبةً شديدةً في الدنيا والآخرة، بل ذهب جمع من العلماء إلى عدم صحة صلاته التي صلاها وحده.
واليوم نرى من الناس تساهلاً عظيمًا في الصلاة مع الجماعة، فمنهم من لا نراه في المسجد أبدًا في جميع الصلوات وهو يسكن بجوار المسجد، يخرج من بيته لأعماله الدنيوية ولا يخرج من بيته لأداء الصلاة في المسجد وهو يسمع النداء خمس مرات في اليوم والليلة، فيقول: سمعنا وعصينا! والعجيب في الأمر أن مثل هذا الشخص الذي عصى ربه وأبى أن يجيب دعوته ويحضر في المسجد لأداء فريضته، العجيب في الأمر أن هذا يسكن معه في البيت رجال من أهله يصلون مع المسلمين، ولا ينكرون عليه بل يتركونه في البيت وكأنه ما فعل شيئًا، ويؤاكلونه ويشاربونه ويجالسونه، فأين الغيرة في الدين؟! وأين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ إن الواجب على هؤلاء أن ينكروا على هذا العاصي أشد الإنكار، فإن تاب إلى الله وصلى مع المسلمين وإلا أخرجوه من مسكنهم، وإن كان المسكن له خرجوا هم من عنده وسكنوا في بيت بعيد عنه، فلا محاباة ولا مداهنة في دين الله، وإن كانوا يرجون من الشخص العاصي طمعًا دنيويًا، فما عند الله خير وأبقى
([1]) أخرجه: البخاري رقم (757)، ومسلم رقم (397).