إن صلاة الجماعة فيها تعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقف المسلمون فيها صفا واحدًا خلف إمامٍ واحدٍ بين يدي الله تعالى كالبنيان المرصوص، مما به تظهر قوة المسلمين واتحادهم. في صلاة الجماعة اجتماع كلمة المسلمين وائتلاف قلوبهم وتعارفهم وتفقد بعضهم لأحوال بعض. فيها مظهر التعاطف والتراحم، ودفع الكبر والتعاظم. وفيها تقوية الأخوة الدينية، فيقف الكبير إلى جانب الصغير، والغني إلى جانب الفقير، والملك والقوي إلى جانب الضعيف، لا فضل لأحد على أحدٍ إلا بالتقوى، مما به تظهر عدالة الإسلام، وحاجة الخلق إلى الملك العلام. صلاة الجماعة تؤخذ منها الدروس الإيمانية، وتسمع فيها الآيات القرآنية، فيتعلم بها الجاهل ويتذكر الغافل ويتوب المذنب، وتخشع القلوب وتقرب من حضرة علام الغيوب.
صلاة المسلم في جماعة أقرب إلى الخشوع وحضور القلب والطمأنينة. وإن الإنسان ليجد الفارق العظيم بين ما إذا صلى وحده وإذا صلى مع الجماعة.
إن صلاة الجماعة فيها إظهار شعار الإسلام وإرهاب الأعداء، وإعلان ذكر الله في بيوته التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه. إن صلاة المسلم مع الجماعة في المساجد تجعله في عداد الرجال الذين مدحهم الله ووعدهم بجزيل الثواب في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦ رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ٣﴾ [النور: 36، 37].