×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

مِن وَرَآئِكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلۡيَأۡخُذُواْ حِذۡرَهُمۡ وَأَسۡلِحَتَهُمۡۗ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَيَمِيلُونَ عَلَيۡكُم مَّيۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِن كَانَ بِكُمۡ أَذٗى مِّن مَّطَرٍ أَوۡ كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَن تَضَعُوٓاْ أَسۡلِحَتَكُمۡۖ [النساء: 102]. والأمر للنبي صلى الله عليه وسلم أمر لأمته ما لم يدل دليلٌ على خصوصيته به، فدلت هذه الآية الكريمة على وجوب صلاة الجماعة، حيث لم يرخص للمسلمين في تركها في حال الخوف، فلو كانت غير واجبة لكان أولى الأعذار عذر الخوف، فإن صلاة الجماعة في حال الخوف يترك فيها كثيرٌ من الواجبات في الصلاة، مما يدل على تأكد وجوبها، وقد اغتفرت في صلاة الخوف حركات كثيرةٌ وتنقلاتٌ وحمل أسلحة ومراقبة لتحركات العدو وانحراف عن القبلة، كل هذه الأمور اغتفرت من أجل الحصول على صلاة الجماعة، فهذا من أعظم الأدلة على وجوبها وتأكدها.

ومن الأدلة على وجوب صلاة الجماعة ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَثْقَلَ الصَّلاَة عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَ صَلاَةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» ([1]). فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنفاق، وهذا أيضًا وصفهم في القرآن الكريم، قال تعالى عن المنافقين: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2288)، ومسلم رقم (651) واللفظ له.