قَلِيلٗا﴾ [النساء: 142]. وقال تعالى عنهم: ﴿وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ﴾[التوبة: 54]. ثم هدد صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن صلاة الجماعة بأن يحرق عليهم بيوتهم بالنار، وهذه عقوبةٌ شنيعةٌ، فوصفهم بالنفاق أولاً، وهددهم بالتحريق بالنار ثانيًا، ولم يمنعه من ذلك إلا ما في البيوت من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم صلاة الجماعة، مما يدل دلالة صريحة على عظم جريمة المتخلف عن صلاة الجماعة وأنه مستحق لأعظم العقوبات في الدنيا والآخرة.
وفي صحيح مسلم أن رجلاً أعمى قال: يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُرَخِّصَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ. فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟!» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فأجب» ([1]). فهذا رجلٌ أعمى أبدى أعذارًا كثيرةً ومع هذا لم يسقط عنه حضور صلاة الجماعة. فما حال الذي يتخلف عنها من غير عذر، وهو مجاورٌ للمسجد وأصوات المؤذنين تخترق بيته من كل جانب، يدعى فلا يجيب، ويؤمر فلا يمتثل، ويعصي فلا يتوب؟!!.
أيها المسلمون: لقد بلغ من اهتمام صدر هذه الأمة بصلاة الجماعة ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.
يعني إذا كان الرجل منهم لا يستطيع المشي لمرضٍ أو كبر أخذوا بعضديه وساعدوه على المشي حتى يقيموه في صف المسلمين للصلاة.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (653).