فما بال الذي يتخلف عن الصلاة اليوم وهو صحيح قوي الجسم؟! لقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجلٍ يصوم النهار ويقوم الليل ولا يحضر الجماعة فقال: هو في النار. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يَدُ اللهِ عَلى الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ في النَّارِ» ([1])
أيها المسلمون: ومكان صلاة الجماعة هو المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ صَلاَةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ» ([2]). وروى عن على رضي الله عنه مثله وزاد: «وجار المسجد من أسمعه المنادي» ([3]). رواه البيهقي بإسناد جيد. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ومن تأمل السُنَّة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارضٍ يجوز معه ترك الجماعة، فترك حضور المساجد لغير عذرٍ كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق الأحاديث وجميع الآثار، انتهى.
وفي إقامة صلاة الجماعة في غير المساجد تعطيلٌ للمساجد أو تقليل من المصلين فيها، ويكون ذلك سببًا لتقليل أهمية الصلاة في النفوس، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [التوبة: 18]، وقال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ﴾ [النور: 36]، ففي هاتين الآيتين تنويه بشأن المساجد وعُمَّارها ووعدهم بجزيل الثواب، وفي ضمن ذلك ذم المتخلفين عنها. لكن إذا دعت حاجة لإقامة صلاة
([1]) أخرجه: الحاكم رقم (392)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) رقم (80).