×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

الداعي، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم إجابة الداعي بما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يَا رَسُولَ اللهِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ له أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ. فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟!» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فأجب» ([1]). فدل الحديث على أن الإجابة المأمور بها هي الإتيان إلى المسجد لصلاة الجماعة، وقد قال غير واحد من السلف في قوله تعالى ﴿كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ [القلم: 43]: إن معني «يدعون» هو قول المؤذن: «حي على الصلاة حي على الفلاح» فيا من تسمعون الأذان وتقعدون في بيوتكم أو في أسواقكم وتتركون الصلاة مع الجماعة، إن لم تتوبوا إلى ربكم فستكونون مع هؤلاء يوم القيامة وستفتضحون أمام الله وأمام خلقه.

إن التخلف عن صلاة الجماعة من علامات النفاق، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ أَثْقَلَ الصَّلاَة عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» ([2]). وفي رواية للإمام أحمد عنه صلى الله عليه وسلم: «لَوْلاَ مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، أَقَمْتُ صَلاَةَ الْعِشَاءِ، وَأَمَرْتُ فِتْيَانِي يُحَرِّقُونَ مَا فِي الْبُيُوتِ بِالنَّارِ» ([3]).


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (653).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2288)، ومسلم رقم (651) واللفظ له.

([3])  أخرجه: أحمد رقم (8796).